السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
في كل يوم يتأكد العلماء من شيء جديد في رحلتهم لعلاج الأمراض المستعصية، وآخر هذه الاكتشافات ما وجده الباحثون من أسرار التسامح والعفو ! فقد أدرك علماء النفس حديثاً أهمية الرضا عن النفس وعن الحياة وأهمية هذا الرضا في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية، وفي دراسة نشرت على مجلة "دراسات السعادة" اتضح أن هناك علاقة وثيقة بين التسامح والمغفرة والعفو من جهة، وبين السعادة والرضا من جهة ثانية. فقد جاؤوا بعدد من الأشخاص وقاموا بدراستهم دراسة دقيقة، درسوا واقعهم الاجتماعي ودرسوا ظروفهم المادية والمعنوية، ووجهوا إليهم العديد من الأسئلة التي تعطي بمجموعها مؤشراً على سعادة الإنسان في الحياة. وكانت المفاجأة أن الأشخاص الأكثر سعادة هم الأكثر تسامحاً مع غيرهم!ويقول العلماء: إنك لأن تنسى موقفاً مزعجاً حدث لك أوفر بكثير من أن تضيع الوقت وتصرف طاقة كبيرة من دماغك للتفكير بالانتقام! وبالتالي فإن العفو يوفر على الإنسان الكثير من المتاعب، فإذا أردت أن تسُرَّ عدوك فكِّر بالانتقام منه، لأنك ستكون الخاسر الوحيد!!! كما بينت الدراسات أن العفو والتسامح يخفف نسبة موت الخلايا العصبية في الدماغ، ولذلك تجد أدمغة الناس الذين تعودوا على التسامح وعلى المغفرة أكبر حجماً وأكثر فعالية، وهناك بعض الدراسات تؤكد أن التسامح والعفو يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان، وبالتالي هو سلاح لعلاج الأمراض! وهكذا يا أحبتي ندرك لماذا أمرنا الله تعالى بالتسامح والعفو، حتى إن الله جعل العفو نفقة نتصدق بها على غيرنا! يقول تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)، وطلب منا أن نتفكر في فوائد هذا العفو، ولذلك ختم الآية بقوله: (لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) فلنتأمل! ، كما أكدت دراسة أخرى أن النصائح الإيمانية التي وردت في قوله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}آل عمران : 134وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: {ما من عبد كظم غيظا، إلا زاده الله عز وجل عزا في الدنيا والآخرة} تقوي المناعة وتقلل إفراز هرمون التوتر الذي يسبب ضغط الدم والسكر والأزمات القلبية وإضطرابات الجهاز الهضمي والقولون العصبي . وقالت إن عدم التسامح والصفح يؤدي إلى الغضب وحب الإنتقام وهو حالة نفسية،تؤدي لثورة الإنسان بالقول والفعل . وهو مفتاح الشرور،لما ينجم عنه من أثم، كالسخرية، واللمز والقتل .وليس يحدث عفوياً إنما ينشأ عن أسباب وبواعث تجعل الإنسان سريع التأثر. فقد يكون منشأ ه انحرافا صحيا وقد يكون المنشأ نفسيا، كالأنانية، أو الشعور بالإهانة، والشعور بالنقص. وقد يكون المنشأ أخلاقيا، كتعود الشراسة. فتجرح العواطف، وتشحن النفوس بالأحقاد وتولد الكره وتزيل التآلف والتحاب وقد تؤدي إلى السجن وإثارة الحروب وإراقة الدماء فهو يفجر الإنسان كالبركان .فإذا بلسانه ينطلق بالفحش والبذاءة .فعلينا بالحكمة النفسية، وكرم الأخلاق .بتوفير دواعي الراحة النفسية والجسمية ، بالغذاء المتزن ، و الرياضة ، والتنزه لتجدد الهواء في الرئتين. وتجنب كل ما يزيد في الإرهاق النفسي والجسمي بالإسترسال في التفكير والجهد من كآبة وسهر والمغالاة في الأنانية،والجدل،و السخرية و المزاح الثقيل. يقول أحد باحثي علم النفس:[ دع محاولة الاقتصاص من أعدائك، فإنك بمحاولتك هذه تؤذي نفسك أكثر مما تؤذيهم ... إننا حين نمقت أعدائنا نتيح لهم فرصة الغلبة علينا، وإن أعدائنا ليرقصون طربا لو علموا كم يسببوا لنا من القلق وكم يقتصوا منا، إن مقتنا لا يؤذيهم، وإنما يؤذينا نحن، ويحيل أيامنا وليالينا إلى جحيم].فمن الخير لمن وقع تحت الظلم التروي في أقواله وأفعاله فذلك مما يخفف حدة الهياج والإندفاع وعليه الاستعاذة من الشيطان الرجيم، والجلوس إذا كان واقفاً، والوضوء أو الغسل بالماء ، فإنه من المهدئات ،و التحلي بالحلم والعفو والتصافح والتسامح ، فهو فضيلة إنسانية تدل على قدرة الإنسان السوي القوي على التحكم في مشاعره وتصرفاته وقوة شخصيته وسعة إدراكه ، وأنه باعث على استقرار الأمن وحقن الدماء وتحجيم الشر وإطالة العمر والجمال والأجر والمثوبة عند الله تبارك وتعالى و إعجاب الناس وثنائهم، وكسب عواطفهم. فلا يجب أن ننساق وراء الغضب ومحاولة رد الإساءة لمن أخطأ في حقنا فهي صفة ذميمة نهانا عنها رسولنا عليه الصلاة والسلام حين قال :{ لا تغضب } . بل بكظم الغيظ والعفو والتسامح والإحسان إليه إذا كان صديق أو قريب أو جار وسنشعر براحة القلب وهدوء الخاطر والسكينة وسعة البال والسعادة.
</B></I>