أجلس في الليل المقمر
وحيدةً أحاكي القمر
مالك من القدر؟
قال: عشت الدهر
ورأيت السرر
فكثرت العبر
رأيت الحب والمكر
رأيت الشجاعة والفرر
رأيت الإخلاص والغدر
رأيت القوافل على البر
وسفنا على البحر
رأيت الفقير على الجوع سهر
والغني على المال ستر
رأيت الأفواه تضحك درر
وأفواه بالصياح مرر
شهدت ليالٍ بالدماء هدر
و بالنار حمر
الحكم والعبر كثر
سمعتها دون خبر
ولكن أين المعتبر
جال الناس الأرض لدهر
ما عرفوا سر القمر
الذي بفعلهم كبر
بحكمةٍ وسرر
وما للإنسان من عبر
صمتي للخلق كرر
و بعلمي درر
سألته مالك من الأسرار من علماً؟
قال: سرٌ قويٍ وضعيفاَ
كبيراً وصغيراًً
حملت سر من مشى على الأرض ليلاً
ومن همس في أذني سراً
علمت التاريخ جهراً
وحضرته سهراً
وما أعظم ما اخفي عظماً
لو علم الإنسان بما اخفي جهراً
لجعل في قلبه رهباً
وعاد إلى ربه سعياً
ليتوب إليه توباً
و إلى الجنان يرتجي رجياً
ولكن أين المعتبرين أينَ
سألته مالك من المحبين من قصصاً؟
قال: عنترةُ وعبلةُ كانوا من الحب قتلوا
قيسُ وليلا سرحوا في الصحراء ففتنوا
وللحب أسلموا
وكثيرا ممن أحبوا سرقوا
القلوب من العذارى حتى أجرموا
وكثيرا من خافوا الحب أدمنوا
حتى عشقوا
ومن الناس من بحث عن الحب حتى ضاعوا
في بحر المحبة دون أن يعلموا
إنًً بحبهم قد دمروا
أحلاما ليست للمحبة مرجعا
وهناك من أخذوا الحب بقلوبهم أسرا
فكان لهم هجرا
وما أقبح الحزن لهم أمرا
فكان لحياتهم ظلما
والدموع لمسيرتهم رفيق دوما
فليس لي سوى اللًومُ على قلوبٍ باعت السلوى
سألت القمر مدمعة مالك من الخوف خبرا؟
رد عليًً حزنا
سكن الخوف الناس سكنا
ولكن للزمن عليه أمرا
أن ينجلي من النفوس فورا
بعد انتهاء العلة و الرجى
ولم أرى للخوف عزة أبدا
سوى عند فتاة الدجى
ملكها الخوف فصار لها مرتعبا
تخاف المستتر خوفا
بان تكون الشمس له فضحى
فصرت أنا والليل لها مأوى
ترمي بسرها للدجى
كي لا يفضحها الضحى
سألت القمر مالك من الحزن معرفا؟
رد بدمعة: رأيت حزنا ملك أقواما جهلا
و ملك أقواما سجدا
تملك الحزن الناس مشاعرهم ملكا
فما كان للبعض سوى ضيفا للقرى
وللبعض داءُ ثقيل على النفس متربعا
أذرف من العيون الدموع فصارت مطرا
تروي النفوس لتطفئ نار
أشعلت لتكون مددا
للحزن والدموع صبا
ولكني لم أرى عبر الزمان حزنا
تملك قلب فصار له عبدا
أذرفت الدموع فصارت دما
لتصبح للحزن بحرا
بأمواجه الغضباء المتلاطمة لطما
يروي شطآن حياتها
ليرميها في عالم الأحزان رميا
أرادت الخروج منه خرجا
ولكن أين المرسى
أسرها الحزن أسرا
فما كان عليها إلا أن تكون فتاته المطيعة لأمره طوعا
سألت القمر هل لها من السرور شوكا؟
قل: ليس لها من السرور شوكا
وان كانت البسمة على شفاهها صنعا
فقد رسمتها رسما
لتخدع الناس سهوا
فلا يكونون لسرها عرفا
ولتهون على قلبها هونا
ولم يكن الهون لها مسعفا
فزاد همها هما
ما إن تذكرت الدموع والحزن ذكرا
فكان السرور لها تمثالا مذهبا
لا يمكنها اقتناءه أبدا
مشت وتركت الأحلام وراءها
لتكون للحزن مرتعا
والدموع لها منبعا
وللخوف منتظرا
كي يزول الهم عن نفسها إلى الأبدا
ولكن أين المخرج يا ترى
فانا القمر بحالي لا اعلم المستترا
و المختفي من القدر خفيا
فأرجو الله وده
لفتاة الأحزان المخرجا